اللياقة إحدى الكلمات المطاطة والواسعة في ما يُمكن أن تُستخدم فيه لوصف درجات معينة من القدرة والكفاءة. ولذا نسمع عن فلان يليق لفلانة، وذاك يتمتع بلياقة في خفة الحركة والحفاظ على التوازن الجسدي، وتلك لديها لياقة عالية في التعامل مع المشاكل والصعوبات الوظيفية. واللياقة وإن كانت تشمل وصف مدى القدرة والكفاءة على أداء وظائف حياتية شتى، إلا أن الغالب استخدامها في وصف جانب قدرات الكفاءة البدنية.
وفي الجانب البدني، يختلف الناس في مدى حرصهم على بلوغ درجات متفاوتة من اللياقة الجسدية، بل ويختلفون في مدى حاجتهم لأنواع متنوعة من اللياقة. ولذا يظل لدى البعض مفهوم اللياقة البدنية شيئاً غامضاً وربما خاضعاً لاعتبارات وهمية خيالية، في حين يظل لدى آخرين واضحاً وفق احتياجات واقعية ممكنة التحقيق.
اللياقة البدنية منظومة متكاملة، تتطلب العمل على أربعة جوانب، بمحصلتها نتمكن من الحفاظ على صحة أجسامنا، واستخدامها أفضل ما يُمكن، وتقليل احتمالات تعرضنا للحوادث والإصابات.
* أنواع من اللياقة
* والأصل في إدراك الأشياء بالعلم، هو تصورها. ولكي يُدرك أحدنا ما الذي عليه أن يتمتع به من اللياقة البدنية، عليه أن يتصور ما الذي يُريده هو من بدنه، وما الذي يُريده بدنه منه. والأساس الأول في حاجتنا إلى أبداننا هو الحفاظ عليها سليمة ومعافاة من أي آفات أو أمراض أو ضعف. والأساس الثاني هو الكفاءة والقدرة على استخدامها في تحقيق وتلبية وجلب ما نحتاجه، أو نطمح إليه، مما هو حولنا. سواءً كانت تلك الاحتياجات أو الطموحات ضرورية أو ترفيهية.
وفي جانب الحفاظ على سلامة البدن، تكون اللياقة البدنية وسيلة لتنشيط عمل أعضاء معينة في الجسم ولحفظها سليمة من الأمراض أو الضعف. وهناك أعضاء تحتاج اللياقة البدنية، بأنواع مظاهر تمارينها، بشكل مباشر في تحقيق تلك الغايات. ومنها القلب والرئتان والأوعية الدموية والجهاز العصبي والمفاصل والعظام والعضلات. وهناك أعضاء تستفيد بشكل غير مباشر من تحقيق أنواع مهمة من اللياقة البدنية. ومنها الكلى والكبد والجهاز الهضمي وجهاز المناعة وغيرها.
وفي جانب الكفاءة والقدرة على تحقيق غايات ترفيهية أو معيشية معينة، تتفاوت الحاجة إلى مستوى ونوعية اللياقة البدنية. ومثلاً لياقة لاعب رفع الأثقال تختلف عن لياقة أحدنا في القدرة على حمل الأمتعة والحاجات الشخصية. ولياقة لاعبي مسابقات الماراثون أو المسافات القصيرة تختلف عن اللياقة الحركية التي يحتاجها الإنسان العادي في تنشيط القلب والرئتين والأوعية الدموية للحفاظ على سلامتها من الأمراض أو الضعف. وهكذا دواليك.
والإنسان العادي، غير ذلك الشخص الرياضي المشغول بحمى المنافسات والمباريات، يحتاج أربعة أنواع من اللياقة البدنية. وعليه الاهتمام بتنمية مستوى معين من اللياقة البدنية فيها. وهذه الأنواع هي: • أولاً: اللياقة الهوائية، أو إيروبيك. • ثانياً: لياقة العضلات. • ثالثاً: لياقة الشد والمرونة. • رابعاً: لياقة توازن لبّ الجسم.
* لياقة «إيروبيك» الهوائية
* وتُعتبر اللياقة الهوائية، أو لياقة قدرات أداء تمارين إيروبيك، هي حجر الزاوية في جميع برامج التدريب على اللياقة البدنية. أي في تلك الأنواع الثلاثة الأخرى من اللياقة البدنية. والأساس في فهم معنى عبارة «تمارين إيروبيك الهوائية» هو العمل الذي يبذله أحدنا كي يتمكن من التنفس بعمق وبسرعة، للتمكن من زيادة كمية الأوكسجين المتوفر في الدم، ثم العمل على النجاح في توصيل أكبر كمية ممكنة من الأوكسجين للأعضاء التي تحتاجه، أي إلى جميع أعضاء الجسم. ومعلوم أن بعملية التنفس يدخل الهواء الخارجي إلى الرئة، ثم يتعرض للشعيرات الدموية التي تستخلص الأوكسجين من الهواء لتُحمله في كريات الدم الحمراء. وأن القلب يضخ الدم المُحمل بالأوكسجين، والقادم من الرئة، إلى جميع أنحاء الجسم عبر قوة انقباض عضلة القلب. ولذا فإن نجاح تزويد أعضاء الجسم بالكمية اللازمة من الأوكسجين، الذي هو عصب الحياة، يتطلب رئة سليمة في بنيتها وقوية في عملها، ويتطلب أوعية دموية نظيفة ومرنة وخالية من أي إعاقات في مجاريها، ويتطلب قلباً قوياً قادراً على استيعاب الدم القادم إليه وقادراً على ضخه بالقوة اللازمة لإيصاله إلى أعضاء الجسم البعيدة والقريبة منه. ولتحقيق هذه الغاية نحتاج إلى وسيلة، أو مُحفز، يضمن لنا تنشيط الرئتين والقلب والأوعية الدموية، في عملية متناغمة ومتنامية القدرات. وصولاً إلى مرحلة تكون فيها كفاءة هذه الأعضاء عالية في أداء عملية إيصال الأوكسجين للأعضاء المختلفة بالجسم.
والوسيلة الأفضل والأسهل والأبسط والأكفأ، والتي تم التوصل إليها بعد مراحل من البحث والاختبارات العلمية، هو جعل «حركة العضلات المتطلبة للأوكسجين» محفزاً أساسياً لتنشيط عمل الرئتين والقلب والأوعية الدموية، أي القيام بأي نوع من المجهود العضلي باستخدام تحريك مجموعات من العضلات الكبيرة في الجسم، بهدف تنشيط ضخ الدم من القلب للرئتين وللجسم. والمهم أن يتم هذا المجهود العضلي بالتدرج، أي أن لا يتم إجهاد العضلة بسرعة وبقوة، وإلا فإن الحركة العضلية ستتحول إلى نوع أنإيروبيك اللاهوائية. ومن أفضل أنواع تمارين إيروبيك، الهرولة لمدة نصف ساعة يومياً. وذلك بأن تكون الخمس دقائق الأولى والأخيرة متدرجة في زيادة السرعة وفي تخفيفها، على التوالي. ويمكن أداء الهرولة مرة واحدة ولمدة نصف ساعة، كما يُمكن تقسيم تلك النصف ساعة اليومية إلى فترتين، كل منهما تبلغ ربع ساعة. وهناك أنواع أخرى من تمارين إيروبيك، مثل السباحة أو ركوب الدراجة الهوائية أو القيام بحركات رياضية راقصة أو غيرها من أنواع تمارين إيروبيك.
* اللياقة العضلية
* العنصر الثاني في اللياقة البدنية، هو اللياقة العضلية. وهي تختلف تماماً عن لياقة تمارين "إيروبيك" الهوائية. وللتوضيح، فإن تمارين «إيروبيك» الهوائية تستخدم بعض عضلات الجسم، خاصة العضلات الكبيرة، كشيء مُحفز لزيادة عمل الرئتين والقلب والأوعية الدموية. بينما لياقة العضلات تتجه نحو الاهتمام بعضلات معينة ابتغاء رفع قدرات استخدامها بذاتها في أداء أنواع شتى من الحركات الحياتية.